الكلمة وأقسامها
https://www.youtube.com/watch?v=p9QaUf-pA60
https://www.youtube.com/watch?v=p9QaUf-pA60
1-تعريف الكلمة:
قولـه: (الْكَلِمَةُ قَوْلٌ مُفْرَدٌ) بدأ المصنف – رحمه الله تعالى – بتعريف الكلمة. لأنها موضوع هذا العلم، ولأن الكلمة جزء1-تعريف الكلمة:
قولـه: (الْكَلِمَةُ قَوْلٌ مُفْرَدٌ) بدأ المصنف – رحمه الله تعالى – بتعريف الكلمة. لأنها موضوع هذا العلم، ولأن الكلمة جزء الكلام، والجزء مقدم على الكل .
والقول : هو اللفظ الدال على معنى مفيدٍ أو غير مفيد، مفرداً كان أم مركباً نحو : خالد، ونحو: خرج الغلام. ونحو : إن خرج .
وخرج بقولـه: (مفرد) الجملة، لأنها وإن كانت قولاً إلا أنها من المركب، وليست من المفرد. فـ (الكلمة) : لفظة واحدة تدل على معنى مفرد. مثل : باب. كتاب. وقد تستعمل أحياناً بمعنى : الكلام المفيد نحو : ألقيت في المسجد كلمة. قال تعالى : {لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} إشارة إلى قوله : } رَبِّ ارْجِعُون ..[ ، وقال (الكلمة الطيبة صدقة) متفق عليه .
2- أنواع الكلمة: قولـه : (وهِيَ اسْمٌ وفِعْلٌ وحَرْفٌ)
لما عَرَّف الكلمة. ذكر أنواعها وأنها ثلاثة : الاسم، والفعل. والحرف. والدليل على انحصار أنواعها في هذه الثلاثة :
1- الاستقراء والتتبع لكلام العرب .
2 - الحصر، فإن الكلمة إما أن تدل على معنى في نفسها أو في غيرها . فإن دلت على معنى في نفسها فإما أن تشعر بهيئتها (2) بأحد الأزمنة الثلاثة فهي الفعل : كقام، أو لاتشعر بزمن فهي الاسم مثل : عاصم. وإن دلت على معنى في غيرها فهي الحرف. نحو (في) فإنه لا يفيد معنى يستقل بالمفهومية بل لابد من من وضعه في جملة .
3- علامات الاسم:
قولـه: (فَأَمَّا الاسْمُ فَيُعْرَفُ باَلْ كَالرَّجُلِ، وبالتَّنْوِينِ كَرَجُلٍ وبالحَدِيثِ عَنْهُ كَتَاءِ ضَرَبْتُ).
اقتصر المصنف على علامات الاسم دون تعريفه. لأن هذا هو الذي يفيد الطالب المبتدئ. ليميز بين الأسماء والأفعال، واتضاح ذلك بالعلامات أكثر من اتضاحه بالتعاريف.
وقولـه: (باَلْ)(3) أي من علامات الاسم التي تميزه على الفعل والحرف دخول (ال) عليه. مثل : قدم المسافر. فكلمة (مسافر) اسم بدليل دخول (ال) عليها .
وقوله : (وَ بالتَّنْوِينِ) هذه العلامة الثانية وهي التنوين. وهو : نون زائدة ساكنة تلحق الآخر لفظاً لا خطاً لغير توكيد، مثل : جاء خالدٌ، رأيت خالداً. مررت بخالدٍ. ومعنى (زائدة) : أي ليست من أصل بنية الكلمة ولا من حروفها الأصلية .
وقولنا : (لفظاً لاخطاً) أي للاستغناء عن النون بتكرار الحركة، فيكون آخر الاسم ضمتين أو فتحتين أو كسرتين .
قوله : (بالحدِيثِ عَنْهُ) أي تتحدث عن الاسم وتضم إليه ما تتم به الفائدة، كقولك : دخل عاصم. فـ (عاصم) اسم لأنك قد حدثت عنه بالدخول. فأي كلمة تتحدث عنها فهي اسم. وهو معنى قولهم : (الإسناد إليه) بمعنى أن تنسب إليه ما تحصل به الفائدة.
وهذه العلامة من أنفع العلامات للاسم وبها اسْتُدِلَّ على اسمية الضمائر كالتاء في نحو : قمتُ، لأن الضمائر لا تقبل أيَّ علامة من علامات الاسم الأخرى.
وقد اقتصر المصنف – رحمه الله – على هذه العلامات الثلاث لأنها أشهر وأوضح من غيرها.(1)
4-أنواع الاسم من حيث الإعراب والبناء:
قولـه : (وهُوَ ضَرْبَانِ : مُعْربٌ وهُوَ ما يَتَغَيَّرُ آخِرُهُ بِسَبَبِ الْعَوَامِلِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ كَزَيْدٍ ومَبْنِيِّ وهُوَ بِخلافِهِ) .
لما ذكر علامات الاسم ذكر أقسامه من الناحية الإعرابية . فذكر أنه ضربان :
الأول : الاسم المعرب: وهو ما يتغير آخره بسبب العوامل(2)الداخلة عليه نحو : قدم الضيفُ، رأيت الضيفَ، سلمت على الضيفِ، فآخر الكلمة تغير بالضمة والفتحة والكسرة، بسبب ما دخل عليه من العوامل، وهي : (قدم) و (رأى) و (على) الجارة.
وقولـه : (ما يَتَغَيَّرُ آخِرُهُ) احتراز من تغير أوله أو وسطه فليس إعراباً، كقولك في تصغير (فلس) : فُليس، وفي (درهم) : دُريهم .
الثاني :الاسم المبني وأشار إليه بقوله : (وَمَبْنيٌ وهُوَ بِخلافِهِ) أي: أن المبني – وهو الضرب الثاني – ضد المعرب. فإذا كان المعرب يتغير آخره فإن المبني يلزم حالة واحدة، فلا يتغير آخره بسبب العوامل. نحو : حضر الذي فاز في المسابقة، هنأت الذي فاز في المسابقة، سلمت على الذي فاز في المسابقة، فـ (الذي) اسم موصول مبني على السكون، لم يتغير آخره مع عامل الرفع أو النصب أو الجر .
قوله : (كَهؤُلاءِ في لُزُومِ الكَسْرِ، وكَذلِكَ حَذامِ وأَمْسِ في لُغَةِ الحِجَازِييّنَ).
ذكر أن المبني أربعة أقسام : مبني على الكسر، ومبني على الفتح، ومبني على السكون، ومبني على الضم،
وبدأ بالمبني على الكسر ومثل بهذه الأمثلة ليبين أن المبني على الكسر نوعان:
1- نوع متفق على بنائه، مثل اسم الإشارة (هؤلاء) فإن جمع العرب يكسرون آخره في جميع الأحوال، تقول هؤلاءِ الطلاب(1) مجدون، ورأيت هؤلاءِ، ومررت بهؤلاءِ. فـ (ها) للتنبيه حرف مبني على السكون لا محل لـه من الإعراب و (أولاءِ) اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ في الأول. وفي محل نصب مفعول به في الثاني، وفي محل جر في الثالث .
2- نوع مختلف في بنائه. وذكر له مثالين : -
الأول : كل علم لمؤنث على وزن (فَعالِ) كحذام وسَجاحٍ ورَقاشِ، فهذا مبني على الكسر عند الحجازيين مطلقاً – رَفعاً ونصباً وجراً – سواء كان آخره راءً أم لا، تشبيهاً له بنـزال(2) – اسم فعل أمر – تقول : هذه حذام، ورأيت حذامِ، ومررت بحذَامِ .
وأما بنو تميم فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف. فيقولون : هذه حذامُ، رأيت حذامَ، ومررت بحذامَ. فهو مرفوع بالضمة، ومنصوب بالفتحة، ومجرور بالفتحة، نيابة عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف .
وأكثرهم يفرق بين ما كان مختوماً بالراء فيبنيه على الكسر كالحجازيين، مثل ظفارِ – اسم بلد يمني – وما ليس آخره راء فيعربه إعراب ما لا ينصرف كما تقدم .
الثاني : (أمس) فالحجازيون يبنونه على الكسر في جميع أحوال إعرابه. بشرط أن يكون غير ظرف، وأن يكون خالياً من "أل" . والإضافة، وأن يكون علماً على اليوم الذي قبل يومك مباشرة فيقولون : مضى أمس بما فيه، وتأملت أمس وما فيه، ما رأيته مذ أمسِ. فهو مبني على الكسر في محل رفع أو نصب أو جر .
وأما بنو تميم فبعضهم يعربه إعراب ما لا ينصرف. فيرفعه بالضمة وينصبه ويجره بالفتحة من غير تنوين، نحو : مَرَّ أمسُ بما فيه، قضيت أمسَ في المكتبة. انتهيت من عملي مذ أمسَ.
وأكثرهم يمنعه من الصرف في حالة الرفع. ويبنيه على الكسر في حالتي النصب والجر فلا يدخله في باب الممنوع من الصرف. فيقول : مَرَّ أمسُ بما فيه. قضيت أمسِ في المكتبة. انتهيت من عملي مذ أمسِ .
وهذا إذا لم يكن ظرفاً – كما تقدم – فإن كان ظرفاً بمعنى (في)، نحو : سرتني زيارتك أمسِ. فهو مبني على الكسر عند الفريقين. وإن أُريد به يومٌ ما من الأيام الماضية، أو كان مضافاً أو ملحى بال أُعرب. نحو : قضينا أمساً في نزهة، أمسُنا كان جميلاً. إن الأمسَ كان جميلاً.
قوله : (وكَأحَدَ عَشَرَ وأخَوَاتِهِ في لُزُوم الْفَتْحِ) .
هذا النوع الثاني من الأسماء المبنية وهو ما يبنى على الفتح. ومثل لـه بـ (أحد عشر) وأخواته. أي إلى تسعة عشر، بتذكير العشرة مع المذكر، وتأنيثها مع المؤنث، فهذه الأعداد مبنية على فتح الجزأين. فلا تتغير بالعوامل .
تقول : جاء ثلاثةَ عشرَ طالباً، رأيت ثلاثةَ عشرَ طالباَ. ومررت بثلاثةَ عشرَ طالباً. فـ (ثلاثةَ عشرَ) : فاعل مبني على فتح الجزأين في محل رفع. والمثال الثاني : مفعول به في محل نصب. والثالث : في محل جر .
ويستثنى من ذلك (اثنا عشر) فإن صدره يعرب إعراب المثنى بالألف رفعاً وبالياء نصباً وجراً. لأنه ملحق بالمثنى – كما سيأتي إن شاء الله – ويبقى جزؤه الثاني مبنيّاً على الفتح لا محل له، لوقوعه موقع نون المثنى التي هي حرف. نحو : جاء اثنا عشر طالباً، رأيت اثني عشر طالباً، ومررت باثني عشر طالباً. فـ (اثنا) فاعل مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى. (عشر) اسم مبني على الفتح لا محل له من الإعراب .
قوله : (وكَقَبْلُ وبَعْدُ وأَخَوَاتِهِما في لُزُوم الضم إِذَا حُذِفَ المُضَافُ إِلَيْه ونُوِىَ مَعْنَاهُ).
هذا النوع الثالث من الأسماء المبنية وهو ما يبنى على الضم. مثل (قبل وبعد) وهما ظرفان. (وأخواتهما) كأسماء الجهات الست مثل (فوق) و (تحت) وغيرهما، ونحو (دون) و (أول) فهذه تبنى على الضم، بشرط أن يحذف المضاف إليه وينوى معناه. ومعنى ذلك : أنك لا تقصد أن المضاف إليه لفظ معين، بل أي لفظ يؤدي المعنى . كقوله تعالى : {فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ} فـ (قبل) و (بعد) مبنيان على الضم – لما ذُكِرَ – في محل جر، وقال تعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} . وقال تعالى: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ} فـ (قبل) و (بعد) ظرفان مبنيان على الضم في محل نصب على الظرفية، أما إذا ذكر المضاف إليه فإنها تعرب ولا تبنى فتقول : جلست تحتَ الشجرة، فـ (تحت) ظرف مكان منصوب بالفتحة. وتقول : (جئت من قبلِ زيد) . فـ (قبل) اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة .
قوله : (وكمَنْ وكَمْ في لُزُومِ السُّكُونِ وهُوَ أصْلُ الْبِنَاءِ) .
هذا النوع الرابع من الأسماء المبنية . وهو ما يبنى على السكون، والسكون : قطع الحركة عن الحرف، فـ (من) اسم مبني على السكون. سواء كانت شرطية نحو : من يتصدقْ يُثَبْ. أو موصولة نحو : حضر من قام بواجبه، أو استفهامية نحو : من عندك ؟ فهي ملازمة للسكون.
وقوله : (وكم) أي سواء كانت استفهامية بمعنى : أيِّ عدد. نحو : كم كتاباً عندك؟ أو خبرية بمعنى : عدد كثير. نحو كم بائسٍ مات جوعاً. فهي اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ في المثالين) سنذكر إعراب (كم) بالتفصيل في باب (التمييز) إن شاء الله
وقوله : (وُهوَ أَصْلُ الْبِنَاءِ) أي أن أصل البناء أن يكون بالسكون، لأنه أخف من الحركة. ولذا دخل في الاسم والفعل والحرف مثل : كَمْ، اكتبْ، مَنْ .
محاورالدرس: ( العلامات الفرعية ): 1 الأسماء الستة أولا : تعريفها و إعرابها ثانيا : شروطها ثالثًا : الأفصح في ( الهن )
( العلامات الفرعية ) : الأسماء الستة.أولا : تعريفها و إعرابها :
قوله : (إلا الأسمَاءَ السِّتَّةَ وهِيَ أَبُوهُ وأَخُوهُ وحَمُوهَا وهَنُوهُ وفُوهُ وذُو مَالٍ، فتُرْفَعُ بِالْوَاوِ وتُنْصَبُ بِالألِفِ وتُجَرُّ بِالْيَاءِ، والأَفَصَحُ اسْتِعْمَالُ (هَنٍ) كَغَدٍ)
شرع المصنف – رحمه الله – في الكلام على الضرب الثاني من علامات الإعراب. وهي العلامات الفرعية. وهي واقعة في سبعة أبواب :الأسماء الستة .المثنى .جمع المذكر السالم .جمع المؤنث السالم .ما لا ينصرف .الأمثلة الخمسة .الفعل المضارع المعتل الآخر .
وقولـه : (الأسماءَ الستةَ) بالنصب على الاستثناء. وكذا ما عطف عليه من المثنى وغيره مما سيذكره بعد ذلك.
وبدأ بالأسماء الستة ( ويقال : الأسماء الخمسة، لأن إعراب (الهن) بالحركات أشهر من إعرابه بالحروف كما سيأتي إن شاء الله) فذكر أنها ترفع بالواو نيابة عن الضمة كقوله تعالى : {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} فـ (أبو) مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الواو نيابة عن الضمة و (نا) مضاف إليه . و (شيخ) خبر المبتدأ مرفوع بالمبتدأ (كبير) صفة .
وتنصب بالألف نيابة عن الفتحة كقوله تعالى : {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} . فـ (أبا) اسم (أنَّ) منصوب وعلامة نصبه الألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة. و (الكاف) مضاف إليه و (الميم) علامة الجمع. وجملة (قد أخذ) خبر (أنَّ) . وتجر بالياء نيابة عن الكسرة، كقوله تعالى :{ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} فـ (أبي) مجرورة بإلى وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الستة و (الكاف) مضاف إليه و (الميم) علامة الجمع .
ثانيا : شروطها
ولا تعرب بالحروف إلا بشروط أربعة :
الأول : أن تكون مفردة. كما في الأمثلة. فإن كانت مثناة أعربت إعراب المثنى – بالألف رفعاً وبالياء نصباً وجراً – كقوله تعالى : {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} فـ (أبويه) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء؛ لأنه مثنى . والهاء مضاف إليه.
وإن كانت مجموعة جمع تكسير أعربت بالحركات. كقوله تعالى : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} فـ (آباء) مبتدأ مرفوع بالابتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. وهو مضاف و (الكاف) مضاف إليه. و (الميم) علامة الجمع (لا تدرون) خبر .
الثاني : أن تكون مكبرة كما في الأمثلة. فإن كانت مصغرة أعربت بالحركات نحو : جاء أُخَيُّ زيد. فـ (أُخَيُّ) فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف و (زيد) مضاف إليه .
الثالث : أن تكون مضافة كما في الأمثلة. فإن لم تضف أعربت بالحركات قال تعالى : {قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} فـ (أبا) اسم (إن) مؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة (له) خبر (إن) مقدم وتقول : هذا أبٌ عطوفٌ. وسلمت على أبٍ عطوفٍ .
الرابع : أن تكون الإضافة لغير (ياء) المتكلم كما في الأمثلة. فإن أضيفت لياء المتكلم أعربت بالحركات المقدرة كقوله تعالى عن موسى عليه الصلاة والسلام : {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ} فـ (أخي) مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغل المحل بحركة المناسبة و (أخ) مضاف والياء مضاف إليه، والخبر (هو أفصح مني) و (هارون) عطف بيان مرفوع .
وهذه الشروط تفهم من كلام المصنف؛ فإنه ذكر الأسماء الستة مفردة مكبرة مضافة لغير (ياء) المتكلم .
وأشار بقولـه : (ذو مال) إلى أن (ذو) لا تكون من الأسماء الستة إلا إذا كانت بمعنى (صاحب) تقول : جاء ذو مال، أي : صاحب مال. بخلاف (ذو) الموصولة فليست بمعنى (صاحب) وإنما هي بمعنى (الذي) ولا تكون (ذو) موصولة إلا على لغة (طيئ) كما سيأتي إن شاء الله، وهي مبنية لا معربة نحو : جاء ذو سافر. فـ (ذو) اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل . أي : جاء الذي سافر. وجملة (سافر) صلة .
كما يشترط في (ذو) أن تضاف إلى اسم جنس ظاهر غير صفة كما في مثال المصنف، ونحو : زميلي ذو أدب. قال تعالى : {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} فـ (اللام) لام الابتداء (ذو) خبر (إن) مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه من الأسماء الستة. وقال تعالى : {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا} . فـ (ذا) مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الألف. وهو مضاف و (الْقُرْبَى) مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة للتعذر .
وقال تعالى : {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} فـ (ذي) مجرور وعلامة جره الياء. وهو مضاف و (حجر) مضاف إليه .
والمراد باسم الجنس : الاسم الجامد غير المشتق () الاسم الجامد : ما لم يؤخذ من غيره، وهو إما اسم ذات، وهو الدال على معنى يقوم بذاته كـ (رجل)، أو اسم معنى، وهو ما لا يقوم بذاته كـ (بياض) والمشتق : ما أخذ من غيره كـ (قائم) مأخوذ من (القيام) . وسأذكر ذلك إن شاء الله في أول باب التمييز.) الذي وضع للمعنى الكلي المجرد، كالعلم والمال والفضل ونحوها. بخلاف : جاءني ذو قائم. فلا يصح، لأنه مشتق .
وأشار بقوله : (فوه) إلى أنه لا يعرب بالحروف إلا بشرط أن تُحذف منه الميم. فتقول : فوك رائحته طيبة. نظف فاك بالسواك. كرهت رائحة فيك. ففي الأول مرفوع بالواو، وفي الثاني منصوب بالألف، وفي الثالث مجرور بالياء، فإن بقيت الميم أُعرب بالحركات تقول : هذا فمٌ. ونظفت فمًا. ونظرت إلى فمٍ .
وقوله : (وَ حَمُوهَا) بإضافة (الحمُ) إلى ضمير المؤنث، لبيان أن (الحمُ) أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وابن عمه. وقد يطلق على أقارب الزوجة فيقال : حموه. بالإضافة للمذكر .
ثالثًا : الأفصح في ( الهن ):
قوله : (وَ الأَفَصَحُ اسْتِعْمَالُ (هَنٍ) كَغَدٍ) . الهنُ : اسم يكنى به عن أسماء الأجناس، تقول هذا هن زيد، أي : فرس زيد – مثلاً – وقيل كناية عما يستقبح ذكره، ومنه قوله e : (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)(1).
و (الهن) إذا استعمل مجردًا عن الإضافة فهو اسم منقوص، أي محذوف اللام، وهي الواو، لأن أصله (هَنَوٌ) فيعرب بالحركات، نحو : هذا هنٌ. ورأيت هنًا. ومررت بهنٍ .
فإن أضيف فجمهور العرب تستعمله كذلك. تقول : هذا هنُكَ، رأيت هنَكَ، ومررت بهنِكَ. وبعضهم يعربه بالحروف فيجريه مُجْرى (أب وأخ) فيقول : هذا هنوك، ورأيت هناك، ومررت بهنيك. وهي لغة قليلة. وعليها ورد ذكره مع الأسماء الخمسة .
https://www.youtube.com/watch?v=xsRK3ljP9vQ
أقسامه، علاماته، إعرابه
قولـه : (وأَمّا الْفِعْلُ فَثَلاَثةُ أَقْسَامٍ : ماضٍ ويُعْرَفُ بِتَاءِ التَأنِيثِ السَّاكِنَةِ) .
لما أنهى الحديث عن الاسم، وبين المعرب منه والمبني. شرع في الكلام على الفعل فذكر أنه ثلاثة أقسام: ماض ومضارع وأمر .وقولـه : (ماض) بدل من (ثلاث) مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين منع من ظهورها الثقل(1).
والفعل الماضي : كلمة تدل على حدث وزمن انقضى، نحو : سافر : الضيف ، فـ (سافر) كلمة تدل على حدث وهو (السفر)، وزمنٍ انقضى قبل النطق بهذه الكلمة(2).
وقد ذكر المصنف للفعل الماضي علامةً تميزه عن المضارع والأمر وهي (تَاءُ التَأنِيثِ السَّاكِنَةِ) ومعنى هذا : أن أيَّ فعل يقبل تاء التأنيث الساكنة فهو فعل ماضٍ قطعاً، نحو : جلس، فتقول : جلستْ هند .
وقولـه (السَّاكِنَةِ) أي الساكنة أصالةً فلا يضر تحركها لعارض كالتقاء الساكنين كقوله تعالى : } قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}.
وخرج بقولـه (الساكنة) : التاءُ المحركة أصالة، فإن كانت حركتها حركة إعراب اختصت بالاسم كقائمة وفاطمة. وإن كانت حركتها غير حركة إعراب فإنها تكون في الاسم كما في قولك (لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله) فإن حركة التاء حركة بناء(4). وتكون في الفعل نحو: هند تقوم، وفي الحرف نحو : رُبَّتَ، وثُمَّتَ. نحو : رُبَّتَ كلمةٍ فتحت باب شر ثُمَّتَ جلبت لصاحبها بلاء .
كما يعرف الفعل الماضي بـ (تاء الفاعل) المتحركة بالضم للمتكلم، أو الفتح للمخاطب، أو الكسر للمخاطبة. نحو : أعطيتُك كتاباً فرحتَ به. ونحو : أنَتِ قمتِ بالواجب.
قولـه : (وبِنَاؤُهُ عَلَى الْفتْح كَضَرَبَ إلاَّ مَعَ وَاو الجَمَاعَةِ فَيُضَمُّ كَضَرَبُوا والضَّمِيرِ المَرْفُوع المُتَحَرِّكِ فَيُسَكَّنُ كَضَرَبْتُ)
هذه أحوال بناء الفعل الماضي وهي ثلاثة :
الأولى : أن يكون مبنيًا على الفتح. وهذا هو الأصل. سواء كان الفتح ظاهراً نحو : تكلم الخطيب . أو مقدار نحو : دعا المسلم ربه .فـ (دعا) فعل ماض مبني على فتح مقدر على الألف منع من ظهوره التعذر.
فيبنى على الفتح إذا لم يتصل به شيء كما مُثِّل، أو اتصلت به تاء التأنيث الساكنة نحو : نَصَحَتْ فاطمة أختها، أو ألف التثنية نحو : الشاهدان قالا الحق .
الثانية : أن يكون مبنيًا على الضم، وذلك إذا اتصلت به واو الجماعة، نحو : المجاهدون حضروا(1).
الثانية : أن يكون مبنيًا على السكون، وذلك إذا اتصل به الضمير المرفوع المتحرك كتاء الفاعل نحو : كتبتُ الحديث. أو (نا) التي هي فاعل نحو : استمعنا المحاضرة، أو نون الإناث نحو: البنات جلسْنَ في المنـزل .
وقولـه : (الضَّمِيرِ المَرْفُوعِ المُتَحَرِّكِ) يُخْرج ضمير النصب نحو : أكرمك، فالفعل معه مبني على الفتح. ويُخرج واو الجماعة. لأنها ضمير رفع ساكن. فلا يبنى الماضي معها على السكون. بل على الضم كما مضى. ويخرج ألف الاثنين، فإنها ضمير رفع ساكن. والماضي معها مبني على الفتح كما تقدم .
قوله : (ومِنْهُ نِعْمَ وبِئْسَ وعَسى ولَيْسَ في الأَصَحِّ) :
هذا فيه بيان أن هذه الكلمات الأربع اختلف في كونها أفعالاً ماضية؛ والأصح أنها أفعال(2)
بدليل دخول (تاء) التأنيث عليها. وهي علامة الفعل الماضي – كما تقدم – فتقول : نِعْمَتِ المرأة فاطمة، بئْسَتِ المرأة هند فـ (نعم) فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح مبني على الفتح لا محـل لـه من الإعراب. والتاء للتأنيث. و (المرأة) فاعل لـ (نعم) والجملة خبر مقدم. و (فاطمة) مبتدأ مؤخر، والمثال الثاني مثله .
وتقول : عست هند أن تقوم. ليست المؤمنة متبرجة، فـ (عسى) فعل ماض ناقص مبني على الفتح. والتاء للتأنيث. (هند) اسمها مرفوع بالضمة (أن) حرف مصدري ونصب. (تقوم) فعل مضارع منصوب بـ (أن) والفاعل ضمير مستتر. والمصدر المؤول من (أن) والفعل خبر (عسى) . و (ليس) فعل ماض ناقص مبني على الفتح . (والتاء) للتأنيث (المؤمنة) اسمها (متبرجة) خبرها منصوب بالفتحة .
قوله : (وَأَمْرٌ ويُعْرَفُ بِدِلاَلَتِهِ عَلَى الطَّلَبِ مَعَ قَبُوِلِهِ يَاءَ المُخَاطَبَةِ) هذا القسم الثاني من أقسام الفعل، وقوله : (وأمْرٌ) معطوف على قوله (ماض) والمعطوف على المرفوع مرفوع، التقدير : وأما الفعل فثلاثة أقسام : ماضِ وأمر ومضارع، وفعل الأمر له علامتان متلازمتان:-
1- دلالة صيغته على طلب الفعل .2- قبوله ياء المخاطبة .
نحو : أطع أباك، فـ (أطع) فعل أمر. لدلالته على طلب الطاعة. ولأنه يقبل (ياء) المخاطبة، فتقول : يا نجلاءُ أطيعي أباك .
فإن دلت الكلمة على الطلب ولم تقبل (ياء) المخاطبة نحو : صه إذا تكلم غيرك، لم تكن فعل أمر، بل هي اسم فعل أمر، وإن قبلت (ياء) المخاطبة ولم تدل على الطلب لم تكن فعل أمر بل هي فعل مضارع نحو : أنت – يا هند – تهذبين الأطفال .
قولـه : (وبِنَاؤُهُ عَلَى السُّكُونِ كاضْربْ إِلاَّ المُعْتَلَّ فَعَلَى حَذْفِ آخِرِهَِ كاغْزُ و(اخْشَ) (وارْمِ) ونَحْوَ (قُومَا) و (قومُوا) وقُومِي فَعَلَى حَذْفِ النُّونِ) .
ذكر أن فعل الأمر كالماضي له ثلاث حالات :
الأولى : البناء على السكون، وذلك إذا كان صحيح الآخر ولم يتصل به شيء، نحو : احرص على ما ينفعك. أو اتصلت به نون الإناث نحو : اتركْنَ الجدال .
الثانية : البناء على حذف حرف العلة، وذلك إذا كان معتل الآخر بالواو نحو: ادعُ إلى الله بالحكمة، أو الألف نحو : تحرَّ الصدق فيما تقول، أو الياء نحو : أَهْدِ إلى أقربائك . فـ (ادع) فعل أمر مبني على حذف حرف العلة وهو الواو. والثاني : الألف، والثالث : الياء.
الثالثة : البناء على حذف النون. وذلك إذا اتصلت به ألف الاثنين نحو : أكرما ضيوفكما. أو واو الجماعة نحو : تصدقوا على الفقراء. أو ياء المخاطبة نحو : أحسني الحجاب، فـ (أكرما) فعل أمر مبني على حذف النون، والألف فاعل. وكذا ما بعده.
وبقي حالة رابعة لم يذكرها المصنف. وهي البناء على الفتح وذلك إذا اتصلت به نون التوكيد نحو : عاشرَنَّ إخوانك بالمعروف. فـ (عاشر) فعل أمر مبني على الفتح. ونون التوكيد حرف مبني على الفتح .
قوله : (ومِنْهُ هَلُمّ في لُغَةِ تَمِيم وهَاتِ وتَعَالَ في الأَصَحِّ)
هذا فيه بيان أن هذه الكلمات الثلاث أفعال أمر في أصح الأقوال. فأما (هلم) فلها معنيان :
1- بمعنى (أقبل) نحو : هَلُمَّ إلى حلقات العلم. قال تعالى : {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} أي : أقبلوا .
2- بمعنى (أحضر) نحو: هَلُمَّ زميلك أي : أحضره، قال تعالى : {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} أي أحضروا شهداءكم .
وهي فعل أمر على لغة تميم لدلالتها على الطلب وقبولها ياء المخاطبة. وتلحقها الضمائر البارزة بحسب من هي مسندة إليه. فتقول : هلم يا صالح. وهلمي يا عائشة. وهلما يا محمدان. وهلموا يا عليون . ويا هندات هَلْمُمْنَ (بفك الإدغام وسكون اللام)(3) .وأما عند الحجازيين فتلزم طريقة واحدة فلا تلحقها الضمائر. فتقول : هلم يا صالح، وهلم يا عائشة، وهلم يا محمدان، وهلم يا عليون، وهلم يا هندات، وبلغتهم جاء التنـزيل قال تعالى : } قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} . وقال تعالى : } قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} وهي عندهم اسم فعل أمر، لا فعل أمر، لأنها وإن كانت دالة على الطلب لكنها لا تقبل ياء المخاطبة .
وأما (هات وتعال) فعدهما جماعة من النحويين في أسماء الأفعال، والأصح أنهما فعلا أمر، لدلالتهما عل الطلب، وقبولهما ياء المخاطبة نحو : يا فاطمة هاتي المصحف، يا عائشة تعالي.
و (هات) ملازم للكسر دائماً إلا إذا كان لجماعة المذكرين فإنه يضم تقول:ياخالد هات الكتاب. ويا محمدون هاتُوا كتبكم. قال تعالى: } وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فـ(هاتِ) فعل أمر مبني على حذف الياء، و(هاتوا) فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل.
وأما (تعال) فهو مفتوح الآخر في جميع أحواله من غير استثناء تقول : تعالَ يا محمد، وتعالَي يا رابعة. وتعالَيا يا محمدان. وتعالَوا يا محمدون . وتعالَين يا هندات. كل ذلك بفتح اللام.
قال الله تعالى : } قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } . فـ (تعالوا) فعل أمر مبني على حذف النون، لاتصاله بواو الجماعة. والواو فاعل، وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} فـ (تعالين) فعل أمر مبني على السكون بنون الإناث. ونون الإناث فاعل .
قولـه : (وَمضارعٌ ويُعْرَفُ بِلَمْ وافْتِتَاحُهُ بِحرْفٍ مِنَ نَأَيْتُ نَحْوُ نَقُومُ وأَقُومُ ويَقُومُ وتَقُومُ).
هذا القسم الثالث من أقسام الفعل، وهو الفعل المضارع، وقوله : (ومضَارعٌ) معطوف على قوله (ماض) كما تقدم .
والفعل المضارع : كلمة تدل على حدث وزمن صالح للحال والاستقبال نحو : يفهم المجد الدرس،فـ (يفهم) كلمة تدل على معنى وهو (الفهم) وعلى زمن صالح للحال والاستقبال. والفعل المضارع له علامة واحدة (4) تميزه عن الماضي والأمر وهي صحة دخول (لم) عليه. نحو : لم أقصر بواجبـي .
وقولـه : (وافْتِتَاحُهُ بحرْفٍ مِنَ نَأَيْتُ) هذا بيان أن المضارع يبدأ بأحد هذه الأحرف الأربعة، وليس المقصود أن هذه علامة ثانية للمضارع؛ لأن هذه الأحرف توجد في الفعل الماضي. فيكون قوله : (افتتاحه) مبتدأ . و (بحرف) خبره. ومعنى نأيتُ : بَعُدتُ . وشرط دخولها على المضارع أن تكون الهمزة للمتكلم (1) نحو : أقوم، بخلاف همزة: أَكرمَ. فليست للمتكلم بل هي للتعدية. فالفعل ماض. وأن تكون النون للمتكلم ومعه غيره، أو المعظم نفسه نحو : نقوم، بخلال نون (نَرْجَسَ) فإنها ليست بزائدة، ولا تدل على معنى في المضارع، تقول : نرجس خالد الدواء، أي : جعل فيها نِرْجساً، (وهو نبت لـه رائحة ذكية). وأن تكون الياء للغائب نحو : يقوم، بخلاف ياء (يرنأ) فإنها لا تدل على الغيبة، تقول : يرنأتُ الشيب باليرناء، إذا خضبته بالحناء، وأن تكون التاء للمخاطب نحو : تقوم، بخلاف تاء (تَعَلَّم) فإنها للمطاوعة (2) تقول : علمت عليًّا النحو فتعلمه . فهذه كلها أفعال ماضية، ولا عبرة بالزيادة في أولها، لما تقدم .
قوله : (ويُضَمُّ أَوّلُهُ إِنْ كانَ ماضِيهِ رُباعيًَّا كيُدَحْرِجُ ويُكْرِمُ، ويُفْتَحُ في غَيْرِهِ كَيَضْرِبُ ويَسْتَخْرِجُ) .
اعلم أن الفعل المضارع فيه بحثان :
1- بحث في أوله. وهذا بحث صرفي .2- بحث في آخره. وهذا بحث إعرابي .
أما الأول فإن الفعل المضارع يُشْكَلُ أوله بالضمة أ وبالفتحة. فيشكل بالضمة إذا كان ماضيه رباعياً. نحو : أرسل ويُرسل، وقد مثل المؤلف بمثالين وهما : يُدحرج، ويُكرم. لبيان أنه لا فرق بين أن يكون الرباعي صحيح الحروف، مثل : يدحرج. فإن ماضيه (دحرج) وحروفه أصليه، أو مزيداً مثل : يكرم. فإن ماضيه (أكرم) والهمزة زائدة لأن أصله (كَرُمَ) .
ويُشْكَلُ بالفتحة إن كان ماضيه أقل من الأربعة وهو الثلاثي مثل : عَلِمَ، يَعْلَمُ، أو أكثر منها، كالخماسي. نحو : انطلق. ينطلق، والسداسي. نحو : استخرج، يستخرج. وهذا إذا كان مبنياً للمعلوم. فإن كان مبنيًا للمجهول ضم أوله كما سيأتي إن شاء الله في نائب الفاعل.
قوله : (ويُسَكَّنُ آخِرُهُ مَعَ نُونِ النِّسْوةِ نَحْوُ }وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} و } وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } وَيُفْتَحُ مَعَ نُونِ التَّوْكِيدِ المُبَاشِرةِ لَفْظًا وَتَقْدِيراً نَحْوُ : } كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ} ، ويُعْرَبُ فِيمَا عَدَا ذَلكَ نَحْوُ: يَقُومُ زَيْدٌ، {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} ، {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ، {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} ، {وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
هذا المبحث الثاني في الفعل المضارع وهو البحث في حكمه الإعرابي .
فالفعل المضارع له حالتان : حالة بناء، وحالة إعراب. وهو ينفرد عن الماضي والأمر بذلك؛ لأنهما ملازمان للبناء فيبنى المضارع في مسألتين :
الأولى : أن تتصل به نون الإناث. فيبنى على السكون نحو : الأمهات