Home | Sign Up | Log In | RSS |
Arabic Islamic Learners |
|
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول اللّه، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد أخي الطَّالب، سلامٌ من الله عليكَ ورحمةٌ منه وبركات، ومرحباً بك في سلسلة الدُّروس المقرَّرة عليك في إطار مادَّة البلاغة، لهذا الفصل الدِّراسيّ، آملينَ أن تجدَ فيها كلّ المُتعة والفائدة، نتعرف على تعريف الحقيقة والمجاز اللغويين, ووجود المجاز في القرآن واللغة. - تعريف الحقيقة, والمجاز اللغويين:الحقيقة في اللغة: ما أقرّ في الاستعمال على أصل وضعه، والمجاز: ما كان بضد ذلك. وإنما يقع المجاز, ويُعدل إليه عن الحقيقة لمعانٍ ثلاثة, هي: الاتساع والتوكيد والتشبيه، فإن عدم هذه الأوصاف كانت الحقيقة. والحقيقة في اصطلاح البلاغيين هي: الكلمة المستعملة فيما وُضعت له في اصطلاح التخاطب، فلفظ (أسد) إذا استُعمل في الحيوان المفترس كان حقيقة؛ لاستعماله فيما وضع له... وهكذا. وقولهم في التعريف: (مستعملة) يُخرج ما كان مهملًا ولم يستعملها الواضع, ولا دخلت في لغته، فلا تسمى حقيقة كما لا تسمى مجازًا. وقولهم: (فيما وُضعت له) أخرج الكلمة المستعملة في غير ما وُضعت له في جميع الاصطلاحات اللغوية والشرعية والعرفية, فإنها تكون مجازًا، إذ المراد بالوضع: دلالة اللفظ على معناه بنفسه من غير قرينة، وعلى ذلك فاللفظة التي وضعها أهل الشرع لمعنى غير ما كانت عليه في أصل وضعها اللغوي كـ (الصلاة) و(الزكاة) و(الإيمان)... إلخ نُسيت معانيها اللغوية, ودلت بالشرع على معانٍ أخرى صارت بها حقائق شرعية. وهكذا لفظ (المبتدأ) في عرف النحويين, و(الاستعارة) عند البلاغيين, إلى غير ذلك مما يعرف بـ (الحقيقة العرفية الخاصة)، وكذا (العرفية العامة) فيما كان مرجع الدلالة فيها إلى عرف عام؛ كاستعمال لفظ (الدابة) عند كثير من الناس في الدلالة على الحيوان, بينا هي موضوعة في أصل اللغة للدلالة على كل ما يدبّ على وجه الأرض. أما المجاز فهو يعني: الجواز والتعدية, من: جاز المكان, إذا تعداه وقطعه, فهو مصدر ميميّ، أو هو بمعنى: مكان الجواز والتعدية, فيكون اسم مكان. ثم هي في اصطلاح البلاغيين: الكلمة المستعملة في غير ما وُضعت له في اصطلاح التخاطب، على وجه يصح مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي، فخرج بـ (الكلمة المستعملة): الكلمة قبل الاستعمال، كما خرج بقولهم: (في غير ما وضعت له): الحقيقة؛ فإنها مستعملة فيما وضعت له، وقولهم: (في اصطلاح التخاطب) إشارة إلى أن المعتبر في تحديد المجاز أو الحقيقة، الاصطلاح الذي وقع به التخاطب، فالشرعي إذا استعمل لفظ (الصلاة) في الدعاء كان مجازًا... وهكذا في سائر ما ذكرنا. وقولهم: (على وجه يصح) إشارة إلى وجوب العلاقة الرابطة بين المعنى المجازي والمعنى الذي وضع له اللفظ، و(القرينة) هي: الأمر الذي يجعله المتكلم دليلًا على أنه أراد باللفظ غير المعنى الموضوع له، وتقييدها بـ (المانعة) احترازًا عن الكناية؛ لأن قرينتها لا تمنع إرادة المعنى الأصلي مع المعنى الكنائي. - وجود المجاز في القرآن واللغة: هذا, ولا يمكن لأحد أن ينكر المجاز في القرآن وفي لغة العرب, فنحن نقول: (رأيت أسدًا) وتريد رجلًا شجاعًا، والله -عز وجل- يقول: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ...} [يوسف: 82], ويقول: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء 24]، والقرية لا تسأل, وليس للذل جناح, فالمعنى على المجاز، ويقول: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [البقرة: 19]، والذي يوضع هو الأنملة وهي -من دون شك- جزء من الأصبع. وإنما الذي يجب أن ننزهه عن دخول المجاز فيه هي نصوص الصفات، وبرأيي أن إقحام المجاز في هذا الباب هو سبب اللغط الذي دار, ولا يزال في اشتمال اللغة والقرآن على المجاز. والمجاز مبني على التأويل والصرف عن الظاهر، كما أن المجاز لا بد فيه من نصب قرينة على إرادة خلاف الظاهر من اللفظ تكون مانعة من إرادة المعنى الحقيقي له, خلافًا للكذب الذي يبذل صاحبه جهده في ترويجه, وإبراز صحة باطله. |
|
Copyright MyCorp © 2024 |
Free web hosting — uCoz |